لسنوات، عملت المؤسسات على تحصين شبكاتها الخاصة، وبناء جدران حماية أقوى، وتشديد الضوابط الأمنية. ولكن بينما ركزت الشركات على دفاعاتها الداخلية، وجد المهاجمون بابًا خلفيًا أكثر فعالية مورد طرف ثالث.
بدلاً من اقتحام المؤسسات المحمية جيدًا بشكل مباشر، أدرك مجرمو الإنترنت أنهم يستطيعون التسلل إلى البائعين الموثوق بهم أو مزودي الخدمة أو التطبيقات السحابية للوصول على نطاق واسع. يمكن أن يؤدي خرق واحد في مزود البرامج إلى الكشف الآلاف من المنظمات في المصب. أدى هذا التحول في استراتيجية الهجوم إلى تأمين سلسلة التوريد الرقمية الممتدة واحدة من أكبر التحديات في مجال الأمن السيبراني اليوم.
النضال من أجل تأمين سلسلة التوريد
الاعتماد المتزايد لـ خدمات سحابية لم يؤد إلا إلى جعل الوضع أكثر تعقيدا. تعمل الشركات بسرعة على دمج برامج ومنصات الطرف الثالث في عملياتها، غالبًا دون فهم كامل لكيفية اتصال هذه الخدمات بشبكتها. يمثل كل تطبيق قائم على السحابة وخدمة تكنولوجيا معلومات خارجية ومقاول عن بُعد رابطًا ضعيفًا محتملاً يمكن للقراصنة استغلاله.
يعرف مجرمو الإنترنت ذلك ويستفيدون من النقاط العمياء. هجمات مثل الرياح الشمسية و كاسيا أظهروا كيف يمكن لبائع واحد مخترق أن يؤدي إلى تأثير الدومينو، مما يؤثر على آلاف الشركات في جميع أنحاء العالم. المشكلة لا تتعلق فقط منع الهجمات بعد الآن؛ يتعلق الأمر بضمان قدرة المنظمات على ذلك الصمود والتعافي منهم.
اللوائح تتدخل
لقد أدركت الحكومات والهيئات التنظيمية الخطر، خاصة في الصناعات الحيوية مثل التمويل والبنية التحتية. ورداً على ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي أدخلت لوائح مثل:
· DORA (قانون المرونة التشغيلية الرقمية): إطار صارم مصمم لـ تأمين المؤسسات المالية ومورديها. وهي تتطلب من الشركات تحديد الأنظمة الهامة وتتبع مسارات الهجوم المحتملة وتقييم مخاطر الطرف الثالث.
· NIS2 (توجيه أمن الشبكات والمعلومات 2): ركز على البنية التحتية الحيوية، وفرض تدابير أمنية أقوى لسلسلة التوريد لضمان استمرار تشغيل الخدمات الأساسية حتى أثناء الهجوم الإلكتروني.
في حين تهدف هذه اللوائح إلى زيادة المساءلة، فإنها تسلط الضوء أيضًا على مدى صعوبة تأمين سلسلة التوريد الحديثة بالكامل.
نهج أكثر ذكاءً لأمن سلسلة التوريد
لا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع حل. بدلاً من ذلك، تحتاج المنظمات إلى نهج قائم على المخاطر إلى الأمن السيبراني، مع التركيز على:
1. تحديد الأنظمة والبيانات الهامة — حدد ما هو الأكثر قيمة والأكثر عرضة للخطر.
2. تتبع مسارات الهجوم — فهم كيفية انتقال الهاكر عبر الشبكة، داخليًا وعبر أطراف ثالثة.
3. فرض أمن انعدام الثقة — اعتماد عقلية «لا تثق بأي شيء، تحقق من كل شيء»، مما يضمن أن يثبت كل مستخدم وجهاز ومورد شرعيتهم قبل الوصول إلى الأنظمة الحساسة.
4. تعزيز الرقابة من طرف ثالث — مراقبة كل شيء عن كثب الاتصال الوارد والصادر، تقليل الوصول غير الضروري.
على الرغم من أن الثقة الصفرية ليست إلزامية قانونًا، إلا أنها تتوافق بشكل وثيق مع مبادئ DORA و NIS2 التي توفر طريقة عملية للتخفيف من المخاطر من الموردين الخارجيين.
الطريق إلى الأمام
يعد تأمين سلسلة التوريد الرقمية الممتدة أحد أصعب التحديات التي تواجهها المؤسسات اليوم. لقد تعلم المهاجمون كيفية استغلال العلاقات الموثوقة وتحويل البيئات التي كانت آمنة في السابق إلى أهداف معرضة للخطر. تعمل اللوائح مثل DORA و NIS2 على دفع الشركات نحو تدابير أقوى للأمن السيبراني، ولكن في النهاية، فإن إدارة المخاطر الاستباقية هي مفتاح البقاء في المستقبل.
من خلال فهم نقاط الضعف، وتعزيز الرقابة من طرف ثالث، وتبني مبادئ انعدام الثقة، يمكن للمؤسسات قلب الموازين من خلال بناء ليس فقط دفاعات أقوى، ولكن أيضًا مرونة إلكترونية حقيقية في مواجهة التهديدات المتطورة.